بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله ألا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمداً عبده ورسوله
أما بعد
فهذا جزء مختصر فيما يتعلق بالعقيدة جمعته من كتب أهل العلم وأسأل الله جل وعلا أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم ( يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) .
العقيدة
العقيدة لغة
مأخوذة من العقد وهو ربط الشيء ، واعتقدت كذا : عقدت عليه القلب والضمير , والعقيدة : ما يدين به الإنسان ، يقال : له عقيدة حسنة ، أي : سالمةٌ من الشك. , والعقيدةُ عمل قلبي ، وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقه به .
العقيدةُ شرعًا
هي الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإيمان بالقدر خيره وشره ، وتُسمَّى هذه أركانُ الإيمان .
الإسلام و أركانه
الإسلام
هو الاستسلام لله بالتوحيد والأنقياد له بالطاعة ، والبراءة من الشرك وأهله .
الإسلام بالمعنى العام
هو التعبد لله بما شرع منذ أن أرسل الله الرسل إلى أن تقوم الساعة كما ذكر عز وجل ذلك في آيات كثيرة تدل على أن الشرائع السابقة كلها إسلام لله عز وجل .
الإسلام بالمعنى الخاص
يختص بما بعث به محمد صلى الله عليه وسلم لأن ما بعث به النبي صلى الله عليه وسلم نسخ جميع الأديان السابقة فصار من أتبعه مسلماً ومن خالفه ليس بمسلم ، فأتباع الرسل مسلمون في زمن رسلهم ، فاليهود مسلمون في زمن موسى صلى الله عليه وسلم والنصارى مسلمون في زمن عيسى صلى الله عليه وسلم ، وأما حين بعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم فكفروا به فليسوا بمسلمين .
الشهادتين
معنى شهادة أن لا اله إلا الله
معنى شهادة أن لا إله إلا الله الاعتقاد والإقرار ، بأنه لا معبودَ بحقٍّ إلا الله .
أركان شهادة أن لا اله إلا الله
نفي
أما النفي فمأخوذ من " لا إله" , ف" لا إله" تنفى جميع ما يعبد من دون الله على اختلاف أصناف المعبودات
إثبات
أما الإثبات فمأخوذ من "إلا الله", ف"إلا الله" تثبت العبادة لله وحده دون سواه .
شروط لا إله إلا الله
1)- العلم :
أي العلم بمعناها المراد منها وما تنفيه وما تُثبته، المنافي للجهل بذلك ، قال الله سبحانه و تعالى:( فاعلم أنه لا إله إلا الله ) و قال صلى الله عليه وسلم : ( من مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة ) .
2)- اليقين :
بأن يكون قائلها مستيقنًا بما تدلّ عليه ؛ فإن كان شاكًّا لم تنفعه ، قال تعالى:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا ) .
3)- القبول :
لما اقتضته هذه الكلمة من عبادة الله وحده ، وترك عبادة ما سواه ؛ فمن قالها ولم يقبل ذلك ولم يلتزم به كان من الذين قال الله فيهم : ( إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ * وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ) .
4)- الإنقياد :
لما دلت عليه ، قال تعالى : ( وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ) . والعروة الوثقى : لا إله إلا الله ؛ ومعنى يسلم وجهه : أي ينقاد لله بالإخلاص له .
5)- الصدق :
وهو أن يقولَ هذه الكلمة مصدقًا بها قلبُه ، فإن قالَها بلسانه ولم يصدق بها قلبُه ؛ كان منافقًا كاذبًا ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) إلى قوله ( وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) .
6)- الإخلاصُ :
وهو تصفيةُ العمل من جميع شوائب الشرك ؛ بأن لا يقصد بقولها طمعًا في الدنيا ، ولا رياء ولا سمعة .
7)- المحبة :
لهذه الكلمة ، ولما تدل عليه ، ولأهلها العاملين بمقتضاها , فأهل (لا إله إلا الله) يحبون الله حبًّا خالصًا وأهل الشرك يحبونه ويحبون معه غيره .
معنى شهادة أن محمدًا رسول الله
هو الإقرار باللسان والإيمان بالقلب بأن محمد بن عبد الله القرشي الهاشمي رسول الله – عز وجل – إلى جميع الخلق من الجن والإنس ولا يعبد الله تعالى إلا عن طريق الوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأن يصدق فيما أخبر، وأن يمتثل أمره فيما أمر، وأن يجتنب ما عنه نهى وزجر ، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع وأن لا يعتقد أن له حقاً في الربوبية وتصريف الكون، أو حقاً في العبادة ، بل هو صلى الله عليه وسلم عبدا لا يعبد ورسولا لا يكذب، ولا يملك لنفسه ولا لغيره شيئاً من النفع أو الضر إلا ما شاء الله .
نوا قض الشهادتين
1)- الشرك في عبادة الله
وذلك بأن تجعل لله شريكا في عبادة كالذبح للأضرحة أو الذبح للجن .
2)- من جعل بينَهُ وبينَ الله وسائط
بأن يدعوهم أو يسألهم الشفاعة أو يتوكل عليهم ؛ فإنه يكفر إجماعًا .
3)- من لم يكفر المشركين
أومن يشكّ في كفرهم ، أو صحح مذهبهم ؛ كفر .
4)- من اعتقد أن هدي غير النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه
أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذين يفضلون حكم الطواغيت على حكم الرسول صلى الله عليه وسلم ويفضلون حكم القوانين على حكم الإسلام .
5)- من أبغض شيئًا مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم
ولو عمل به كفر .
6)- من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم
أو ثوابه أو عقابه ؛ كفر .
7)- السحرُ
ومنهُ الصرفُ والعطفُ .
- مظاهرة المشركين
ومعاونتهم على المسلمين .
9)- من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم
كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ، عليه السلام ؛ فهو كافر .
10)- الإعراض عن دين الله
لا يتعلمُهُ، ولا يعمل به .
الإيمان وأركانه
الإيمان لغة
هو التصديق .
الإيمان شرعا
هو قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالأركان يزيد بالطاعات و ينقص بالعصيان , ومن هذا التعريف يتضح أن الإيمان قول وعمل : قول القلب وقول اللسان وعمل القلب وعمل الجوارح .
فأما قول القلب
فهو الاعتقاد والتصديق ، فلابد من تصديق الرسل عليهم الصلاة والسلام فيما أخبروا به ، " فإذا زال تصديق القلب لم تنفع بقية الأجزاء، فإن تصديق القلب شرط صحة في الإيمان .
وأما عمل القلب
وأعمال القلوب كثيرة منها الإخلاص ، والحب ، والخوف ، والرجاء ، والتعظيم ، و الإنقياد ، والتوكل وغيرها من أعمال القلوب فإذا زال عمل القلب مع اعتقاد الصدق ، فأهل السنة مجمعون على زوال الإيمان وأنه لا ينفع التصديق مع انتفاء عمل القلب , وعمل القلب شرط لصحة الإيمان .
وأما قول اللسان
فهو النطق بالشهادتين والإقرار بلوازمهما , وهو شرط لصحة الإيمان , يقول ابن تيمية: " من لم يصدق بلسانه مع القدرة ، لا يسمى في لغة القوم مؤمناً ، كما اتفق على ذلك سلف الأمة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان .
وأما عمل الجوارح
عمل الجوارح هو العمل الذي يؤدى بها , مثل الصلاة ، والحج ، والجهاد ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فكما يجب على الخلق أن يصدقوا الرسل عليهم السلام فيما أخبروا، فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا فلا يتحقق الإيمان بالرسول مع ترك الطاعة بالكلية وأعمال الجوارح تابعة لأعمال القلوب ، ولازمة لها فالقلب إذا كان فيه معرفة وإرادة ، سرى ذلك إلى البدن بالضرورة ، ولا يمكن أن يختلف البدن عما يريده القلب ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ( ألا وإن في الجسد مضغة ، إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد ، ألا وهي القلب ) فإذا كان القلب صالحاً بما فيه من الإيمان علماً وعملاً قلبياً ، لزم ضرورة صلاح الجسد بالقول الظاهر، والعمل بالإيمان المطلق ، كما قال أئمة أهل الحديث: " قول وعمل " قول باطن وظاهر، وعمل باطن وظاهر، والظاهر تابع للباطن لازم له، متى صلح الباطن ، صلح الظاهر ، وإذا فسد ، فسد , وعلى هذا فإنه يمتنع أن يكون الشخص مؤمناً بالله تعالى، مقراً بالفرائض ، ومع ذلك فهو تارك لتلك الطاعات، ممتنع عن فعلها , غير أن أهل السنة والجماعة يعتبرون العمل بالجوارح شرط لكمال الإيمان أي أن عمل الجوارح يزيد في الإيمان وينقصه وبدونه لا ينتفي الإيمان بالكلية .
أركان الإيمان
الإيمان بالله
الإيمان بالله يتضمن أربعة أمور:
الأول:الإيمان بوجود الله تعالى .
وهذا الأمر معناه أن تؤمن بأن الله تعالى موجود سبحانه وتعالى .
الثاني: الإيمان بربوبيته:
أي أنه وحده الرب لا شريك له ولا معين .
الثالث: الإيمان بألوهيته:
أي أنه وحده الإله الحق لا شريك له .
الرابع : الإيمان بأسمائه وصفاته :
أي أن تثبت ما أثبته الله لنفسه في كتابه ، أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم من الأسماء والصفات على الوجه اللائق به من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل .
الإيمان بالملائكة
الملائكة:
عالم غيبي مخلوقون ، عابدون لله تعالى ، وليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء ، خلقهم الله تعالى من نور ، ومنحهم الأنقياد التام لأمره والقوة على تنفيذه , وهم عدد كثير لا يحصيهم إلا الله تعالى .
والإيمان بالملائكة يتضمن أربعة أمور:
الأول: الإيمان بوجودهم
أي الإيمان والتصديق بوجود الملائكة على وجه الإجمال .
الثاني: الإيمان بمن علمنا اسمه
كجبريل عليه السلام ومن لم نعلم اسمه نؤمن بهم إجمالاً .
الثالث: الإيمان بما علمنا من صفاتهم
كصفة ( جبريل ) فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه على صفته التي خلق عليها وله ستمائة جناح قد سد الأفق , وقد يتحول الملك بأمر الله تعالى إلى هيئة رجل ، كما حصل (لجبريل) حين أرسله تعالى إلى- مريم- فتمثل لها بشراً سوياً ، وحين جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه جاءه بصفة لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه أحد من الصحابة ، وكذلك الملائكة الذين أرسلهم الله تعالى إلى إبراهيم ، ولوط كانوا في صورة رجال .
الرابع: الإيمان بما علمنا من أعمالهم
كتسبيحه ، والتعبد له ليلاً ونهاراً بدون ملل ولا فتور.
وقد يكون لبعضهم أعمال خاصة .
مثل : جبريل الأمين على وحي الله تعالى يرسله به إلى الأنبياء والرسل .
ومثل : ميكائيل الموكل بالقطر أي بالمطر والنبات .
ومثل : إسرافيل الموكل بالنفخ في الصور عند قيام الساعة وبعث الخلق .
ومثل : ملك الموت الموكل بقبض الأرواح عند الموت .
ومثل : مالك وهو خازن النار .
ومثل : الملائكة الموكلين بالأجنة في الأرحام إذا تم للإنسان أربعة أشهر في بطن امه ، بعث الله إليه ملكاً وأمره بكتب رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي أم سعيد .
ومثل : الملائكة الموكلين بحفظ أعمال بني آدم وكتابتها لكل شخص ، ملكان : أحدهما عن اليمين ، والثاني عن الشمال .
ومثل : الملائكة الموكلين بالسؤال إذا وضع في قبره يأتيه ملكان يسألانه عن ربه ، ودينه ، ونبيه .
الإيمان بالكتب
الكتب
هي التي أنزلها الله تعالى على رسله رحمة للخلق ، وهداية لهم ، ليصلوا بها إلى سعادتهم في الدنيا والآخرة .
والإيمان بالكتب يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمان بأن نزولها من عند الله حقاً .
بأن تعتقد بأن هذه الكتب أنزلها الله تعالى على رسله .
الثاني : الإيمان بما علمنا أسمه منها
كالقرآن الذي نزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، والتوراة التي أنزلت على موسى صلى الله عليه وسلم ، والإنجيل الذي أنزل على عيسى صلى الله عليه وسلم، والزبور الذي أوتيه داود صلى الله عليه وسلم وأما ما لم نعلم اسمه فنؤمن به إجمالا ً.
الثالث : تصديق ما صح من أخبارها
كأخبار القرآن ، وأخبار ما لم يبدل أو يحرف من الكتب السابقة .
الرابع : العمل بأحكامها
ما لم ينسخ منها ، والرضا والتسليم به سواء فهمنا حكمته أم لم نفهمها ، وجميع الكتب السابقة منسوخة بالقرآن العظيم , وعلى هذا فلا يجوز العمل بأي حكم من أحكام الكتب السابقة إلا ما صح منها وأقره القرآن
الإيمان بالرسل
الرسل :
جمع رسول بمعنى مرسل أي مبعوث بإبلاغ شيء , والمراد هنا من أوحى إليه من البشر بشرع وأمر بتبليغه , والرسل بشر مخلوقين ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيء ، وتلحقهم خصائص البشرية من المرض ، والموت ، والحاجة إلى الطعام والشراب ، وغير ذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ) .
والإيمان بالرسل يتضمن أربعة أمور :
الأول : الإيمان بأن رسالتهم حق من الله تعالى
فمن كفر برسالة واحد منهم فقد كفر بالجميع .
الثاني : الإيمان بمن علمنا اسمه منهم باسمه
مثل : محمد وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ونوح عليهم الصلاة والسلام ، وهؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل ، وأما من لم نعلم أسمه منهم فنؤمن به إجمالاً .
الثالث : تصديق ما صح عنهم من أخبارهم
الرابع : العمل بشريعة من أرسل إلينا منهم
وهو خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم المرسل إلى جميع الناس .